انباء يمنية | فهد الشرفي : لمن يريد أن يفهم رأيي حول مسألة الإصطفاف من واقع تجربة وسرد متواضع لما عايشته قبل وأثناء سقوط الحبيبة صنعاء أحيله على هذا المقال الذي كتبته في ابريل ٢٠١٩م __________ بين السقوط و الإصطفاف .. من الذاكرة مع بدايات العام 2014م وعقب تسليم آخر قلاع الجمهورية في محافظة صعدة للحوثيين ( دماج - كتاف ) بتواطئ محلي ودولي وفِي خضم تلك الايام السوداء التي عشناها كمهجرين في عاصمة اليمن الجمهوري التي اختفت منها رائحة الجمهورية إستعدادا لجحافل الامامة الحوثية التي كانت تتنمر في صعدة وسفيان وعذر من حاشد مستفيدة من الطفرة التي تعيشها على مختلف المستويات سيما بعد عبورها السريع الى كل مناطق وزوايا اليمن من بوابة ساحة الجامعة وعلى ظهور الشباب والأحزاب المعارضة والذين منحوها صك غفران وحولوها من جماعة ومليشيا متمردة إرهابية منبوذة الى حركة ثورية وطنية بعد اجراء غسيل ثوري مستعجل غاضين الطرف عن طبيعة هذه المليشيا وتاريخها ودمويتها وخطورة التقارب معها .. في تلك الفترة بدأ قادة الإصلاح ومشائخ فبراير المتماهين معهم يشعرون بخطر حقيقي داهم لكن في وقت ضائع وبهمة خائرة ورؤية لم تغادر مربع الحقد والغطرسة ؛ ولأن الحوثيين لا يضيعون الوقت واللحظة كغيرهم انتقلوا فورا من دماج وكتاف الى حاشد وفجروا حربهم التوسعية ابتداء في منطقة دنان الفاصلة بين حدودي قبيلتي عذر والعصيمات الحاشديتين بعد ان كانوا قد التهموا مديرية عذر الهامة واستقطبوا اغلب أهلها في ذروة الهيجان الثوري بساحات الاعتصام ليأسسوا فيها قاعدتهم للانطلاق لبقية مناطق حاشد كإستحقاق يعلمون انه لا بد من أداءه من جانب أي إمام هادوي جارودي تستقيم دعوته في صعدة ويتمكن من عزلها عن صنعاء وإذا التف حوله أشياع صعدة عبر بهم من حاشد أو بكيل وصولا للعاصمة صنعاء .. شعرت حاشد ورأسها اﻻحمر لأول مرة أنهم عرايا بلا اية غطاء حقيقي فالقبيلة منقسمة مشتتة متصارعة واهنة على إثر إنقسام أحداث فبراير التي أنضم لها كل اولاد اﻻحمر بلا استثناء طاعة للإصلاح في مقابل إنحياز شبه كامل من بقية مشايخ حاشد لنظام صالح وحزب المؤتمر بالاضافة الى تراكمات طويلة زادت من حدة التشرذم الحاشدي وبرغم بروز الحياد السلبي للدولة كسياسة ومنهاج متفق عليه منذ أحداث دماج المعروفة وما قبلها وبالتحديد منذ فبراير 2011م وإنقسام الجيش والنظام والدولة ثم ما تلا ذلك من تدليل وتسمين للحوثية بعد توقيع المبادرة الخليجية وصعود الرئيس هادي الى دفة الحكم كرئيس توافقي !! لا ادري ان كانت قيادات الاصلاح يومها ادركت فداحة الخطأ الذي ارتكبته منذ انصهارها في تكتل اللقاء المشترك الذي كان يفكر له الاماميون وأخطرهم محمد عبدالملك المتوكل وحسن زيد وبقية الطواقم مرورا بتصعيد الأزمات مع المؤتمر وصالح وما حدث في الساحات وحتى سقوط دماج والحشد في إتجاه حوث والخمري والعشة ؛ اذ لم يظهر ذاك اليوم ولا اليوم ان هناك مراجعة حقيقية لكل هذه المحطات والمقامرة والتحايل ما زالا يسيطران على الموقف الذي المسه والى يومنا هذا !!! يومها كان هذا حال المستهدفون من الحوثي لقاءات واجتماعات فارغة لمناقشة كيفية مواجهة الخطر القادم من شمال الشمال عدا خروج حسين بن عبدالله اﻻحمر الى الخمري ودعوته لمن معه من حاشد وخوض المعركة الاخيرة بلا سند ولا غطاء وفِي الطرف الاخر كانت دولة تتساقط يوميا مدعية الحياد ومؤكدة على ان هذه المعركة ليست معركتها وفعلت في وقت حرج نظام الصامت وكأنها كانت تنفذ مطالب الثوار الذين كانوا يطالبون ( بتحييد الجيش في الصراعات الداخلية ) نكاية منهم بصالح الذي كانوا يتهمونه انه خاض حروب صعدة لحسابه الخاص سياسيا وسلطوياً مقترفين اكبر الإثم بطعنهم الوقح في حروب شرعية تدافع عن سيادة وثوابت الجمهورية في جبال وشعاب ووديان وقيعان صعدة وسفيان مهدرين انهارا زاكية من أعز دماءنا اليمنية جيشا وأمناً ومواطنين .. أما صالح ومن حوله فقد كانوا منغمسين في مشاهدة أحداث المسلسل من ديوان الزعيم الثلاثي الأضلاع الذي اصبح يعج بالهاشميين اللئام والناقمين البلهاء ؛ ومن زاوية ما كان احمد الكحلاني يغذي المجلس بأخبار تقدمات ( أنصار الله ) بلذة يعكسها بريق عيناه الزرقاوتين وفِي الناحية الأخرى يجلس نزيه العماد وطارق الشامي وعباس الديلمي ينعشون المقيل بروايات وحكاوي وتنظيرات تجعله يصدق أن الحوثيين في صعدة يعلقون صوره وصور ابنه احمد في كل منزل ودار وانهم يحبونهم حبا جما وألا يجب عليه سوى أن يعيش اللحظة حامدا شاكرا بعد ان ارسل الله له أشياع مخلصون سيقتصون له من الاخوان المسلمين الخونة وعلي محسن واولاد اﻻحمر اللئام ، حضرت هذا المقيل اكثر من مرة ناصحاً مع الشيخ المناضل صغير بن حمود عزيز والدكتور عمر حسين فايد مجلي في زيارات كنّا نقوم بها له في محاولات مستميتة لتنشيط ذاكرته الجمهورية وتحذيره من مغبة تصديق ما يزينه له مندوبي الامامة وزبانيتها لكن جليس الليل والنهار كان يطغى على جليس يأتي في الاسبوع او الشهر مرة .. في تلك الأسابيع والشهور الصعبة كان ثمة شرفاء في الوسط يشعرون بحجم الكارثة القادمة ووصلنا وهم الى قناعة إن الحل الأوحد لتلافي السقوط هو ردم الهوة بين صالح والاصلاحيين ، بين الزعيم وخصومه محسن واولاد اﻻحمر وبقية القوى السياسية والاجتماعية ومن هؤلاء للامانة والتاريخ الشيخ كهلان بن مجاهد ابوشوارب الذي قاد وساطة استمرت اشهر لرأب الصدع لكن الظروف والقرار السياسي والدولي لم يكن مع هذا الاتجاه وبالطبع الطرفين لم يكونا بمستوى وحجم تدارك السقوط في الهاوية السحيقة وإتخاذ خطوات قوية وشجاعة تتسامى على الجراح والحسابات والمقامرات الشخصية فيما بقية قوى ومكونات البلد يغطون في نوم عميق منقسمين بين ساذج مصدق أوهامه ان ثورته انتصرت وسيعبر بعد ايّام الى الفردوس الموعود وآخرين لديهم عقد تاريخية ومناطقية ويفرحون بكل كيلومتر يقضمه الحوثيون من ارض صعدة وعمران منتظرين على احر من الجمر بلوغ المخلص الى العاصمة لاجتثاث القوى التقليدية التي يرونها كانت وما زالت جدارا يفصلهم عن احلامهم الوردية وطائفة اخرى تتلقى تعليماتها من سفارات الغرب وتتبنى ضرورة فكفكة نظام دولة وجيشها وأمنها بإعتبارها من فضلات عفاش التي يجب التخلص منها لبناء المدينة الفاضلة على أنقاضها واخرون واخرون وكل في فلك يسبحون .. هنا يبرز للذهن ايضا شخصية وطنية وقامة سامقة رحلت عنا مبكرا بعد سقوط عاصمة اليمن الجمهوري بفترة وجيزة الشيخ والسياسي الفقيد غسان محمد ابو لحوم رحمة الله تغشى روحه النبيلة الأصيلة وقد دعاني ومعي الاخ نجيب عبدالرحمن السعدي منزله بصنعاء في تلك الفترة وديوانه يعج بالشخصيات والشباب وهو يدفع بالجميع الى ضرورة انتاج ميثاق ومشروع اصطفاف وطني لمواجهة خطر عودة الامامة وفِي جلسات نقاش جادة مع ضيوفه وأغلبهم الم يكن كلهم من التيار الثوري المشارك في احتجاجات فبراير وهو ما جعلهم يدورون حول أنفسهم في حالة من القصور المفاهيمي والاستراتيجي الواضحة بلا أفق شجاع ويقين جريء يقفز على الذاكرة المملوءة بترهات عن التغيير المفاهيمي والقيمي في الدولة شكلا وروحا ومضمونا ، وأدليت بدلوي يومها منبها لهم أنهم قد لا يستطيعون الاجتماع مرة اخرى بعد شهر او شهرين لان الحوثي سيكون قد حل ضيفا ثقيلا على ام اليمن .. جلسة أخرى حول الاصطفاف دعيت اليها بمنزل الشيخ صادق بن عبدالله اﻻحمر وبوجود الاخ نجيب ومجموعة شباب يبدو انهم كانوا مكلفين منه بإعداد مشروع وأدبيات اصطفاف وقد كتبوا له ذلك مؤكدين انه لا ينقصهم سوى صرف الميزانية للبدء بتنفيذ الخطوات وصولا لإشهار الاصطفاف في قاعة ما بحفل او لقاء يشبه اللقاءات اليمنية التي درج على عقدها مشايخ اليمن وتجارها كظواهر صوتية بمسميات لا فعل ولا أثر حقيقي لها على الواقع ولا تتجاوز كونها ( هنجمة فارغة ) كان لها سوق في زمن الدولة وكانت تدر أموالا من السعودية وليبيا في سنوات السباق على شراء ولاءات القبيلة .. صدمت يومها وزادت صدمتي حين قال الشباب المشار اليهم للشيخ صادق أن هناك مشروعا اصطفافيا آخرا مع خبرة اللواء علي محسن والذي كان يومها في زيارة للرياض على ما أتذكر ؛ ( ليش ما توحدوا الاصطفافين حقنا وحق علي محسن ) هكذا رد الشيخ صادق بنبرته المعتادة فقالوا له انهم بانتظار عودة اللواء محسن من السعودية ليأذن لمكتبه في الجلوس لمناقشة دمج المشروعين !!! حينها لم استطع مواصلة الصمت رغم انه اليوم الاول الذي تلج فيه قدمي منزل الشيخ صادق بالحصبة وقلت لهم هل بالإمكان ان نشارككم الحديث ثم تحدثت بما معناه ؛ أنه في مواجهة الخطر الحوثي المتزامن مع تواطؤ محلي وإقليمي ودولي وشبه غياب للدولة لا مناص من بناء إصطفاف وطني جمهوري واسع يبدأ بمساعي مصالحة حقيقية بين الزعيم صالح وبين الشيخ صادق وإخوته واللواء علي محسن ثم ينتقل الى مصالحة مؤتمرية اصلاحية ؛ ثم الخطوة الثالثة يتبناها المؤتمر والاصلاح ويدعوا كل القوى والأحزاب والقبائل لاصطفاف يدافع عن الدولة اليمنية ويحبط مخططات اسقاط الجمهورية ؛ كان الشيخ صادق يسمع لي بإنصات مستغربا جرأتي لربما ودخلنا في حوار حتى سألوني من الذي بالإمكان أن يقوم بهذا الدور لتنفيذ المصالحة وقلت لهم هناك مشايخ وعلماء وأكاديميين ومثقفين وقادة مجتمع لم يقطعوا الخيط في احداث ٢٠١١م وبإمكاننا إحصاءهم ثم دعوتهم وعرض الامر عليهم موقنا انهم ما كانوا سيرفضوا مثل هذا المسعى الذي فيه صﻻح للبلاد والعباد .. وختمت بالقول اما بالنسبة لكم اولاد اﻻحمر وعلي محسن فإذا كُنتُم الى الان بمشروعي اصطفاف فعلى الدنيا السلام فانتم في نظر العدو والصديق جهة واحدة مستهدفة لاسيما للحوثي .. بعدها أمر الشيخ الشباب بالانصراف وألح علي بالبقاء وبقينا نتحدث ونمضغ اجود انواع القات الغيلي الى حوالي الساعة التاسعة مساء من ذلك اليوم .. لم يدعوني بعدها في جلسات الاصطفاف ولا اعلم كيف تخطى الشيخ صادق والبقية التنبيه الذي احطتهم به عن صدق ضمير واخلاص ووفاء للقضية إذ كنت أود أن يلد اصطفافا حقيقيا يوقف الحوثي عند حده بل وكان قادرًا على انتزاع صعدة الحبيبة من يده ومازلت اتذكر انني ما لبثت الا أسابيع حتى سمعت أن محمد الحسني قد تولى موقعا هاما في هيئة الاصطفاف التي شكلوها واستبعدوا بشكل تام المؤتمر وكل طرف نقيض ، وحتى أنا استبعدت ولم ادعى بعدها ولم اهتم لكن ربما القوم قالوا هذا يطلب أن نتخلى عن ثوريتنا ونتصالح مع الطاغية عفاش وأردف الحسني يا لحماقة هذا الصعداوي الذي أرادنا أن ننسلخ عن ثوريتنا ونفقد أهم عصا نهش بها على الغنم ونحلب لبنها رغم أنف الراعي .. مضت الايام بلا أية جهد حقيقي لخلق مصدات توقف عجلة الامامة المتدحرجة من الجبل الاسود في سفيان صوب صنعاء اليمن والتي بلغت شواطئ عدن وحدث ما حدث في ظل عدم توافر نوايا حقيقية لدفن ماضي أليم جلب لنا واقع مأساوي فقدنا فيه أغلى وطن ؛ ومنذ نشوب الحرب وقيام التحالف في مارس ٢٠١٥م ونحن ندعو الى تشكيل اصطفاف حقيقي بينما يظل اصطفاف صنعاء الذي هندسه الحسني يتجدد بصور اكثر رخاوة وهشاشة وكلما قلنا لهم هذا اصطفافكم انتم كأعضاء ديوان الشيخ والمرشد قالوا أنت ضد وحدة الصف الوطني وهل سيتحد صف وطني في ظل ترسخ إيمان مغلوط لدى الاخوان وجماعة فبراير أنهم هم الصف الراشد وأن ما على الآخرين الا الالتحاق والطاعة بدون نقاش ؟؟ الجواب لا لن يتم الاصطفاف الذي نرجو والذي يؤهلنا للنصر وستظل الأوضاع تراوح مكانها وقد تتراجع من سيّء الى أسوأ فهل من متعظ .. بقلم فهد_طالب

لمن يريد أن يفهم رأيي حول مسألة الإصطفاف من واقع تجربة وسرد متواضع لما عايشته قبل وأثناء سقوط الحبيبة صنعاء أحيله على هذا المقال الذي كتبته في ابريل ٢٠١٩م __________ بين السقوط و الإصطفاف .. من الذاكرة مع >>

فهد الشرفي | مدونون | 23:45 2020/02/06 | 584 قراءة

لقراءة المنشور كاملاً انقر على رابط المصدر >> فهد الشرفي

| خبر صحيح | 0

| خبر غير صحيح | 0